عبدالله ــــــــــــــــــــــ
عدد الرسائل : 190 الأقامه: : منتهيه رقم العضويه : 1 مزآجي : الأحترام : تاريخ التسجيل : 20/11/2007
| موضوع: العبور عبر الزمن (الزمكان) الجزء الاول الخميس يناير 17, 2008 7:43 am | |
| مصطلح يتصدر هذه الدراسة..الزمكان.. مصطلح لم تألفه عيوننا و آذاننا، و لم تدركه عقولنا، ربما حتى لحظة كتابة هذه السطور، على الرغم من أنه مصطلح علمي بحت يتم استخدام منذ عام 1905 م نعم...إنك لم تخطئ قراءة التاريخ، و هو ليس خطأ مطبعيا، فالمصطلح مستخدم علميا بالفعل، منذ عام ألف و تسعمائة و خمسة..أي منذ ما يقرب من قرن كامل.. ففي ذلك العام، نشر عالم شاب ، يدعى ( ألبرت أينشتين ) ، نظرية علمية جديدة، اعتبروها ثورة عنيفة في عالم الفيزياء و الرياضيات، و أطلق عليها اسم " النظرية النسبية الخاصة ". و في تلك النظرية، استخدم ( أينشتين ) ، و ربما لأول مرة، ذلك المصطلح العجيب المثير..( الزمكان ) .. و المصطلح ببساطة شديدة، يعني السفر عبر الزمان و المكان معا في آن واحد.. أو بمعنى أكثر شمولا، يعني تفجر خيال العلماء إلى حد أو نحو لم يبلغه، أو ينجح في بلوغه أحد، قبل أن يطرح ( أينشتين ) نظريته المثيرة..جدا. ففي ذلك الحين، كان السفر عبر الزمان وحده، يعد ضربا من خيال جامح، فجره الأديب و الروائي و الصحفي الإنجليزي ( هربرت جورج ويلز ) خريج جامعة لندن، و المغرم بمطالعة العلوم، عندما نشر تحفته الرائعة ( آلة الزمن ) عام 1895 م. ففي تلك الرواية، وثب البطل عبر الزمن، لينتقل من خلال آلته العجيبة إلى المستقبل البعيد، الذي رسم له المؤلف حينذاك صورة ذهنية عبقرية، بدأت بما يشبه المجتمع المثالي، و تلك الصورة أفزعت عالم نهايات القرن التاسع عشر، و بهرتهم في الوقت ذاته، خاصة و أن ( ويلز ) كان أول من أشار إلى تفوق جنس العمال، في المجتمعات الصناعية، و أول من تحدث عن أيضا عن آلة الزمن..تلك الآلة المعجزة التي خلبت لب المؤلفين حتى يومنا هذا، لما تمتلكه من قدرة فريدة مدهشة، على أن تخترق براكبها نهر الزمن، و تنقله إلى أي زمن يشاء، في طرفة عين. و بعد ( ويلز ) تفجر خيال الكتاب و المؤلفين، و رجال الفن أيضا، و انهمرت علينا عشرات التخيلات و الأفكار، و سرح خيالنا مع الفكرة...و فجأة... خرجت إلى العالم نظرية النسبية الخاصة، التي أشرنا إليها في البداية، و أطلق ( ألبرت أينشتين ) مصطلحه الجديد، مع معادلات رياضية مؤكدة، تتح عيوننا على ظاهرة جديدة، و تعديل جوهري لكل ما عرفه العالم من قواعد قبلها. فلأول مرة، أضاف ( أينشتين ) إلى الأبعاد الثلاثة المعروفة، الطول و العرض و الارتفاع، بعدا رابعا لم يشر إليه عالم واحد من قبله...الزمن. و في نظريته المدهشة، التي حيرت علماء جيله، أثبت أن الزمن بعد رئيسي في الحياة، و في كل القياسات الجادة، في الرياضيات و الفيزياء، و باعتباره كذلك، فهو ككل الأبعاد الأخرى، يمكن السير فيه إلى الأمام و الخلف أيضا. و كانت هذه مفاجأة مذهلة، سواء للعلماء أو للعامة أيضا..فمع النظرية الجديدة، لم تعد قصة ( ويلز ) عن السفر عبر الزمن مجرد خيال محض..لقد صار احتمالا علميا منطقيا أيضا. و اعترض علماء بدايات القرن العشرين، و استنكروا و استهجنوا، و رفضوا كل ما جاء به ( أينشتين ). أما الأدباء و المفكرون، فقد فجر الأمر خيالهم أكثر و أكثر، و أطلق في أعماقهم ألف فكرة، و مليون احتمال، راحوا ينقلونها جميعها إلى الورق، ليمتعوننا بسيل من الكتب و الروايات التي تصورت فكرة عودة البعض إلى الزمن الماضي لإحداث تغييرات، تؤدي بدورها إلى تغيير أحداث جوهرية، تمتلئ بها كتب التاريخ. و في الوقت الذي أقنع فيه ( أينشتين ) كل العلماء بنظريته و عبقريته، و خرج إليهم بنظرية النسبية العامة عام 1915 م ، كان فريق من الأدباء قد تبنى بالفعل فكرة السفر عبر الزمن، و آمن بإمكانية حدوثها، بل و صار يحلم بهذا أيضا، و يدافع عنه بحماسة و استماته لا حدود لهما.ففكرة السفر عبر الزمن مثيرة حتما، و تمنح الإنسان أملا خياليا في تغيير حاضره، و مستقبله، بل و ربما مستقبل العالم أيضا. و لأنه من الطبيعي أن يكون لكل فعل رد فعل مساو له في القوة، و مضاد له في الاتجاه، فقد تبنى فريق من العلماء فكرة عكسية ترفض بعنف احتمالية السفر عبر الزمن، و تصفه بالخبل الوهمي. و لقد استند العلماء الرافضون إلى نظرية علمية فلسفية أطلقوا عليها اسم نظرية ( السببية ). و تلك النظرية تعتمد على أن العالم كله وحدة واحدة، فلو تمكن شخص ما من السفر عبر الزمن إلى الماضي، و أحدث تغيرا، مهما بلغت بساطته، فسيؤدي هذا إلى حدوث موجة متزايدة من التغيرات، يمكن أن يتغير معها تاريخ العالم كله، مما يهدد وجوده هو نفسه في المستقبل. ثم إن قدرة المرء على إحداث تغيير في المستقبل تمنحه قدرات هائلة لا يمكن أن تتوافر لبشري مهما بلغت قوته أو مكانته. فلنفترض مثلا أن أحد العلماء و قد رأى أن الحرب العالمية الثانية كانت لها ويلات رهيبة، و أن هذا كان بسبب أفكار (هتلر) و تعنتاته، فاستخدم آلة زمن وهمية و سافر إلى الماضي، و قتل ( هتلر ) قبل أن يتبوأ منصبه في الحزب النازي، فهل يمكن أن ينتهي الأمر عند هذا الحد؟! مستحيل... فعدم اندلاع الحرب العالمية الثانية سيغير مصير العالم كله و توازناته، و أعداد سكانه، و قدراته التكنولوجية و العلمية، مما يعني أن آلة الزمن التي سافر هو بها لن تتاح له في الغالب، مما يمنعه من السفر و تغيير الماضي، و ........ و هكذا ندخل في دائرة مفرغة غريبة، لا يمكن حسمها أ* فهمها أ* الاقتناع بإمكانية حدوثها. ثم ماذا و سافر آخر و أنقذ ( هتلر ) ..و بعدها جاء ثالث لينفيه إلى روسيا... عندئذ سيرتبك التاريخ كله، على نحو أشبه بالعبث الذي لا يمكن أن يسمح به الخالق عز و جل. إذن فالفكرة نفسها عبثية، وهمية، خيالية، يستحيل حدوثها في عالم الواقع. و لقد تابع ( أينشتين ) كل هذه المحاورات و المناظرات الحامية، بين مؤيدي و معارضي فكرة السفر عبر الزمن، دون أن يعلق على هذا أو ذاك بحرف واحد !! لأن نظريته لم تسعى خلف هذه السخافات و الترهات، بل بالسفر عبر الزمكان... أي عبر الزمان و المكان في آن واحد. و لكي نفهم ما يعنيه هذا ينبغي أن نتخلى عن فكرة السفر عبر الزمن، و نركز كل تفكيرنا على السفر عبر الفضاء..نعم الفضاء الكوني، فهذا بالضبط ما كان يعنيه ( أينشتين ) عندما أطلق مصطلحه الجديد المثير هذا، فقد جاءت نظريته لتفتح الطريق أمام فكرة السفر عبر الفضاء إلى مسافات لم يبلغها العقل البشري بعد ، عن طريق السفر في الزمان و المكان معا. فمنذ تطور علم الفلك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ظهر مصطلح محبط لكل من كانوا يحلمون بالسفر إلى النجوم البعيدة حينذاك.. مصطلح السنة الضوئية.. و هذا المصطلح يعني المسافة التي يقطعها الضوء لو انطلق في الفضاء لمدة سنة زمنية كاملة باعتبار أن سرعة الضوء تساوي مائة و ستة و ثمانين ألف ميل في الثانية الواحدة. هل يمكنك إذن أن تتصور المسافة التي يمكن أن يقطعها الضوء في سنة كاملة؟؟! إنها ستة عشر مليارا و سبعون مليونا و أربعمائة ألف ميل..أي حوالي خمسة و عشرين مليارا و ثمانمائة و اثنين و ستين مليونا و ثمانمائة و واحد ألف و ثمانمائة و ثمانية عشر كيلومترا!!!!! هل أزعجك الرقم، و بدا لك ضخما أكثر مما ينبغي ؟! استعد للمفاجأة إذن، فهذه المسافة الهائلة تساوي وحدة فلكية واحدة، في قياس المسافات الكونية، و تحديد بعد النجوم الأخرى عن مجرتنا ( درب التبانة ). و لو أن أقرب النجوم إلينا يبعد عنا وحدة فلكية واحدة، أي سنة ضوئية واحدة، قهذا يعني ان وصولنا إليه يحتاج سفينة فضاء خاصة، يمكنها أن تنطلق بسرعة الضوء لمدة سنة كاملة دون أن تتوقف أو تخفض سرعتها لحظة واحدة. و الاحتمال يبدو من الناحية المنطقية و الرياضية أيضا أمرا مستحيلا بكل الوجوه..لهذا كانت المفاجأة الجديدة اننا نستطيع بلوغ ذلك النجم المفترض في زمن أقل من هذا بكثير و دون حتى أن نبلغ سرعة الضوء... و هذا القول علمي تماما وسنتكلم عنة في الاجزاء القادمة | |
|